سيرته
النشأة والتعليم
نوري جعفر وُلد في القرنة بالبصرة في عام 1914. والده جعفر علي ، ووالدته حليمة ألجلبي ، وهما أولاد عم .
يشير نوري جعفر إلى والديه قائلا:
-(( والدي فلاح بسيط ووالدتي بنت عمه, غير ان اباها في نظر اهل البلدة ،اكثر وجاهة من ابي ..ولها في الحقيقة الاثر الكبير في تكويني ،كانت هادئة وكثيرة التحمل وتقرأ(القران) كان ذلك في 1920 .فتحت مدرسة ابتدائية في القرنة لا اتذكر اسمها سنة 1926 الحت (امي) على الوالد ان يأخذني وياخذ شقيقي (راضي) ويسجلنا في المدرسة .مانع أبي ومانع بعنف ،بعد هذا اقتنع ان يأخذني ..هو لم يكن يرتاح لي كثيرا… ذاك الاخ اكثر هدوءا مني ،انا يمكن عندي حركات، فاعتقد ان تسجيلي في المدرسة كان نوعا من العقوبة .قال: انا اخذ هذا فقط وأشار الي..قالت:خذه. اخذني الى المدرسة ..اعطتني امي القران، وقد حفظت منه كثيرا من السور القصيرة.
اخذني والدي الى المدرسة, واعطتني والدتي القران ،ودخلنا الى المدرسة لمقابلة مدير المدرسة الطيب الذكر الاستاذ ياسين الملا حويش ،قال والدي :هذا ابني اريد ان اسجله ،وهو يقرأ القران ،طلب المدير ان اقرا ارتجفت بشكل لا يطاق بحيث وقع القران من يدي ،تناولته ،قبلته وفتحته لا على التعيين …ولم انظر اليه، وانما كنت ارتجف ،وبدأت اقرأ الايات التي حفظتها بشكل مذهل :الحمد لله،تبت يدا…الخ .انتبه المدير قال: تعال بقربي ..نظر فوجدني امسكت القران بالمقلوب ..مع هذا شجعني وقال لي :ابني انت.. وساسجلك في الصف الثاني.
احببت المدرسة بشكل لا يوصف ،وكان اهتمامي الكبير بدرس الرياضيات واللغة العربية ،وبالتاريخ وكنت اتضايق من الرسم ،والاعمال اليدوية ،واتضايق ايضا –اكره وليس اتضايق-من الجغرافية.
كانت درجاتي في الرياضيات ممتازة وكذلك في التاريخ واللغة العربية )).
التعليم العالي
واصل تعليمه وحصل على شهادة البكالوريا بمعدل عالي فذهب إلى العاصمة بغداد بأوراقه إلى كلية الطب لتحقيق رغبته وحلمه منذ الطفولة،.
يروي نوري جعفر عن هذه المرحلة قائلا:
((كنت ارغب في الدخول الى الكلية الطبية ولكن الظروف المادية . قدمت الى الطبية ثم تراجعت. الاكل والمنام والكتب الاجنبية …واظن كانوا يأخذون اجورا من الطلاب .مهما يكن انا لا استطيع دفعها. ولو خيرت – بعد ان تعرفت على تخصصي- فلن ادخل الا الى كلية التربية … اقصد دار المعلمين العالية ،ولو يطلب مني ان اتخصص فلن اتخصص الا في التربية وعلم النفس ،لانها في الواقع اصبحت جزءا مني .
ذهبت الى الكلية ( دار المعلمين العالية ) وكانت درجاتي عالية ، سألت الفراش بالباب ،وكانت الكلية في باب المعظم ..قلت له :اريد ان ارى العميد .العميد في الطابق الثالث ..كان العميد هو الدكتور متي عقراوي، دخلت:أنا رجل قروي ،جاء ببنطلون لا اعرف شكله و(الدشداشة) داخلة فيه..يمكن فَكر انا عامل . قال :ماذا تريد؟ قلت له: سيدي جئت اقدم اوراقي الى الكلية .قال ما اسمك؟ ذكرت له اسمي. قال:انتهى القبول. واخذنا الملفات الى الوزارة ،وليس هناك مجال ..تراجعتُ..لكنه حين نظر الى درجاتي العالية ..قبلني الرجل ،ورعاني رعاية كبيرة ، تخرجت في الكلية ،وكنت الاول ،وكنا اول دورة .
ذهبت الى الخارج ،وكان ولعي في التربية ينمو بتاثير العميد الدكتور متي عقراوي ،وبتاثير الدكتور احمد عزت راجح كان استاذا حصريا منتدبا ……
ذهبت الى القاهرة الى معهد يسمى ( معهد التربية العالي) ،عميده رجل معروف محترم اسمه الاستاذ :اسماعيل قباني ، انتفعت منه كثيرا واستاذ في علم النفس اسمه عبد العزيز القوصي، وهو مشهور ومعروف اكملت الدراسة هناك ، بعد ذلك ذهبت الى الولايات المتحدة ، طبعا انصبت جهودي كلها على التربية وعلم النفس، اما التاريخ واللغة العربية فهي دراسات شخصية اتابعها .
في دار المعلمين –نسيت ان اقول- ..اللغة العربية تركزت عندي بتأثير الاستاذ طه الراوي،اذ كان يدرسنا اللغة العربية .
ذهبت الى الولايات المتحدة ومن حسن الحظ صار لي اتصال بالفيلسوف (جون ديوي) اذ صارت لي علاقة شخصية معه استمرت دراستي خمس سنوات.الماجستير :بسنتين.والدكتوراه بثلاث سنوات دراساتي العليا في تخصصي التربية وعلم النفس وحول فلسفة التربية :عن فلسفة (جون ديوي) التربوية، وتطبيقاتها في العراق.
كنت في ذلك الوقت من الطلاب البارزين ،اذ كان يصلني كتاب شكر كل ثلاثة اشهر فالدرجات كانت تصل الى السفارة، وهذا الشكر بتوقيع السفير انذاك:علي جودت الايوبي)).
بيان السيرة
– بكالوريوس كلية التربية / بغداد- دار المعلمين العالية
– دبلوم علم النفس معهد علم النفس والتربية العالي / القاهرة 1944
– الماجستير من جامعة ولاية اوهايو في الولايات المتحده الأمريكية 1948 The Ohio State University
– دكتوراه من جامعة ولاية اوهايو في الولايات المتحده الأمريكية 1949 The Ohio State University
بين الأعوام 1950-1991، تمت ترقية الدكتور نوري جعفر إلى مناصب علمية متتالية:
أستاذ مساعد ، ثم أستاذ , ثم أستاذ متمرس في التربية وعلم النفس
– أستاذ مساعد كلية التربية / جامعة بغداد 1950
– مفصول من الخدمة بقرار من رئيس الوزراء أرشد العمري 1954
(سبب الفصل هو أعتراضه على تزوير أنتخابات البرلمان في القرنة)
– مدير المدرسة الجعفرية بغداد – 1955
– أستاذ مساعد كلية التربية / جامعة بغداد 1956
– مدير عام الدائرة الثقافية وزارة التخطيط بغداد: 1959- 1963
(مفصول من الخدمة مع مجموعة من الأساتذة والمفكرين بسبب الأنقلاب العسكري أنذاك للتخلص من العقول المفكرة التي تتنافى مع مبادئ الأنقلاب العقائدية )
– أستاذ ورئيس قسم علم النفس في جامعة الملك سعود / المملكة السعودية – 1964
– أستاذ ورئيس قسم علم النفس في كلية الأداب في بنغازي / ليبيا 1965-1969
– أستاذ ورئيس قسم علم النفس في كلية الأداب في الرباط / المملكة المغربية 1970 – 1973
– أستاذ زائر في قسم علم النفس في جامعة شفيلد البريطانية – المملكة المتحدة 1974
– أستاذ محاضر في كلية الأداب / جامعة الكويت 1977
– أستاذ متمرس في كلية التربية جامعة بغداد 1982
– أستاذ متمرس محاضر في جامعة مونتريال 1983
– أستاذ متمرس محاضر في جامعة بوردو الأمريكية 1984
– أستاذ متمرس في جامعة الفاتح / ليبيا 1991
في سبعينيات القرن الماضي, د. نوري جعفر كان عضوا في ا الجمعيات العلمية الدولية التالية:
– عضو المجلس الدولي لرعاية الموهوبين نيويورك– الولايات المتحدة
– عضو المجلس الدولي لرعاية الموهوبين البريطانية لندن – المملكة المتحدة
– عضو جمعية علم النفس البريطانية لندن – المملكة المتحدة
في عام 1959 ، تزوج نوري جعفر لكنه فجع بفقد زوجته في عام 1975 فتولى كلا الأدوار الأبوية في رعاية عائلته التي تضم ثلاث بنات – علياء وخلود ونجود – وابنه الوحيد علي.
وكثيراً ما وصف نفسه قائلاً:
انا رب عائلة ،أب ،وأم ،وصديق وحارس امين واتمثل بقول الشاعر
قد يجزع المرء الجليد وتبتلي عزيمة رأي المرء نائبة الدهر
تعاوده الايام فيما ينوبه فيقوى على أمر ويضعف عن أمر
يعني الانسان …الحياة ضمن الشباب يكون شكلا ودور الشيخوخة يكون شكلا .. نحن الان ننظر الى اطفالنا.
تقول ابنته الصغرى نجود:
( اصبح ابي لنا الام والاب في آن واحد ، اشعرنا بحنان ورعاية لامثيل لها ليملأ فراغ رحيل والدتنا في 1975 بطريقة لايمكن وصفها ، محتضنا لنا بحبه الوفي. لقد جند حياته وضحّى بما تبقى من عمره لعلمه ولنا كما كان يكرر على مسامعنا :امكم تركتكم امانة) .
نوري جعفر ينشد أبياتا مقتبسة في رثاء زوجته
هنا يجدر الأشارة بعدم صحة القصة التي روجت لها بعض مواقع الانترنيت ووسائل الاعلام التي تتحدث عن نهاية مزعومة في مقتل نوري جعفر على يد سائق ليبي وهو في طريقه إلى المطار مغادراً إلى لندن ، والتي لااساس لها من الصحة. الوفاة كانت بسبب مضاعفات زكام حاد..
تقول ابنته الصغرى نجود عن هذا الحدث الأليم:
( أبي رحل عنا في طرابلس- ليبيا يوم 7 نوفمبر 1991 عن عمر يناهز ال77 ، فكان مصابا بالزكمة الحادة في تلك الفترة وكنا معه (انا وأختي الوسطى واخي ), حالته الصحية كانت تسوء. لاحظت أختي توقف تنفسه. عم السكون المكان فقد رحل عنا.