الدكتور
نُورِي جَعفَر
عالم نفس تربوي
فِي رِحَابِ مَكتَبَةِ عَالِمِ النَّفسِ نُورِي جَعفَر
بقلم: رشيد الخيُّون
عندما كان يكتب العلامة نوري جعفر بحثاً، كنا نحن طلبة الثّانويات على الرَّغم مِن مستوى الدّراسةِ الثَّانوية العالي آنذاك؛ نقرؤه بحذر، وإن فهمناه فبصعوبة بالغة، فهو لم يكتب خاطرةً أدبيَّةً ولا مقالاً صحفيَّاً سياسيَّاًّ، كان يكتب علماً مازجاً بين عناصر عدة: العِلم بمعلوماته والتّراث بشواهده، والأدب بأسلوبه، يبحر في داخل النّفس الإنسانيّة وفسلجة الدَّماغ، وما لجهاز الأعصاب مِن وظائف، تبدأ مِن الإحساس إلى التفكير، وكيف يكون الحبّ وشعور الكراهيَّة عبر هذا الجهاز العجيب، ثم يبحث كيفية نشأت اللُّغة التي نتحدثها، وليس للمتحدث بها السُّؤال مِن أين أتت، لأنَّ هذا مِن واجب العلماء وشغلهم، لذا في ذلك المستوى لم تكن مثل هذه المواضيع مطروقة في المجال الثّقافيّ العراقيّ، وفي بداية الاطلاع عليها كأنها لم تكن تعنينا شيئاً، ومع تحاشي التمعن بها لصعوبتها وغرابتها، أذكر تماماً كان اسم نوري جعفر يجبرنا على الاحتفاظ بعدد المجلة أو الجريدة التي نشرت مقالته أو بحثه.
قد لا نتذكر تفاصيل ما كان يكتبه نوري جعفر، في تلك الآونة، وهو الباحث المتمرس، بعد نيله شهادة الدكتوراه (1949)، لكنّ اسمه وتخصصه في النّفس الإنسانيَّة ظل مرسوماً في الذاكرة، حتّى تمكنا مِن قراءته وترقب مّا يكتب، وما مزجه بين دراسة النَّفس وأغوارها وما في التّراث مِن شواهد طرقها بتحليل سيكولوجي.
كتب نوري جعفر في عدة مجالات، لكنه ربطَ ما كتب بتخصصه الأول والأخير كافة، فعندما كتب عن الجاحظ تحدث عن تأثيره السّايكولوجيّ، في زمانه، على مجتمعه وانعكاس ذلك على شخصيته، وكيف أنّه عكس نفسية مجتمعه آنذاك، وجمع معه جورج برنادشو وجائزة نوبل، وقد يكون العنوان غريباً “كتابان بين الجاحظ وجورج برنادشو وجائزة نوبل”، نُشر ضمن سلسلة “الموسوعة الصّغيرة”(دار الشؤون الثّقافيّة العامة- بغداد 1990)، في الأصل بحث لمؤتمر كان مؤملاً عقده بالبصرة لألفية الجاحظ (1983)، ولا ندري هل تم عقده أم ألغي بسبب الحرب، التي كانت رحاها تدور فوق نخيل البَصْرة، وكانت إحدى أهم ملحقاتها الإداريَّة “القورنة” مسقط رأسه. صدر ما عده للمؤتمر الجاحظ كُتيباً، وهو أمامي الآن، لا يتخطى حجم الكراسة، لكن بعد إتمام قراءته تجد نفسك قد قرأت ثلاثة مجلدات ضخام، بمعلوماته ومصادره وأفكاره.
هذا هو أبي
بقلم: نجود نوري جعفر
“لستُ كاتبةً ولا أدعيها لكنه أبي فكتبتُ”
أحد أعلام العراق من الجيل الذَّهبي
فهو عِلمٌ وأثَر في حياة من عَرفَه وقَرأ عنه
وأي علمِ وأرث ترك لنا ولأجيال قادمة
ومن فضل الله أن يكون نوري جعفر هو أبي.
أستذكر سيرة أبي
أتامل في حياته واقرأ من علمه
لأتبحر في إنسانيته وفكره الفلسفيّ الغني
تبصرت بتساؤل بمن تأثر وبمَن أثر؟
علماء ومفكرون
من مشارق الأرض ومغاربها عبر صفحات مؤلفاته.
سألته يوماً: ِلمَ تقرأ وتؤلف بعد لقب عالم؟